responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 471
كَقَوْلِهِ: مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ [ص: 50] وَقِيلَ: قُطِعُوا عَنِ الْحَسَنِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَقُتِلُوا بِغَيْرِ أَلِفٍ أَوَّلًا وَقَاتَلُوا بِالْأَلِفِ بَعْدَهُ وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَاوَ لَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ كَمَا في قوله: وَاسْجُدِي وَارْكَعِي [آل عمران: 43] وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلِهِمْ: قَتَلْنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، إِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْقَتْلِ، أَوْ إِذَا قُتِلَ قَوْمُهُ وَعَشَائِرُهُ. وَالثَّالِثُ: بِإِضْمَارِ «قَدْ» أَيْ قُتِّلُوا وَقَدْ قَاتَلُوا.
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: أَوَّلُهَا: مَحْوُ السَّيِّئَاتِ وَغُفْرَانُ الذُّنُوبِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وذلك هو الذي طلبوه بقولهم: فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا [آلِ عمران: 193] وَثَانِيهَا إِعْطَاءُ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَهُوَ الَّذِي طَلَبُوهُ بِقَوْلِهِمْ: وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ، وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثَّوَابُ ثَوَابًا عَظِيمًا مَقْرُونًا بِالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهُوَ الَّذِي قَالُوهُ: وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لِعَظَمَتِهِ، وَإِذَا قَالَ السُّلْطَانُ الْعَظِيمُ لِعَبْدِهِ: إِنِّي أَخْلَعُ عَلَيْكَ خِلْعَةً مِنْ عِنْدِي دَلَّ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِ تِلْكَ الْخِلْعَةِ فِي نِهَايَةِ الشَّرَفِ وَقَوْلُهُ:
ثَواباً مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لَأُثِيبَنَّهُمْ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَيْ لَأُثِيبَنَّهُمْ إِثَابَةً أَوْ تَثْوِيبًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ فِي مَعْنَى لَأُثِيبَنَّهُمْ. ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِيَكُونَ ذَلِكَ الثَّوَابُ فِي غَايَةِ الشَّرَفِ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلِّ الْمَقْدُورَاتِ، عَالِمًا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ، غَنِيًّا عَنِ الْحَاجَاتِ، كَانَ لَا مَحَالَةَ فِي غَايَةِ الْكَرَمِ وَالْجُودِ وَالْإِحْسَانِ، فَكَانَ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ.
رُوِيَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَزَبَهُ أَمْرٌ فَقَالَ خَمْسَ مَرَّاتٍ: رَبَّنَا، أَنْجَاهُ اللَّهُ مِمَّا يَخَافُ وَأَعْطَاهُ مَا أَرَادَ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا خَمْسَ مَرَّاتٍ: رَبَّنَا، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ اسْتَجَابَ لَهُمْ.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 197]
لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (197)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ بِالثَّوَابِ الْعَظِيمِ، وَكَانُوا فِي الدُّنْيَا فِي نِهَايَةِ الْفَقْرِ وَالشِّدَّةِ، وَالْكُفَّارُ كَانُوا فِي النِّعَمِ، ذَكَرَ اللَّهُ تعالى هَذِهِ الْآيَةِ مَا يُسَلِّيهِمْ وَيُصَبِّرُهُمْ عَلَى تِلْكَ الشِّدَّةِ، فَقَالَ: لَا يَغُرَّنَّكَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْغُرُورَ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: غَرَّرْتُ الرَّجُلَ بِمَا يَسْتَحْسِنُهُ فِي الظَّاهِرِ ثُمَّ يَجِدُهُ عِنْدَ التَّفْتِيشِ عَلَى خِلَافِ مَا يُحِبُّهُ، فَيَقُولُ: غَرَّنِي ظَاهِرُهُ أَيْ قَبِلْتُهُ عَلَى غَفْلَةٍ عَنِ امْتِحَانِهِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي الثَّوَابِ إِذَا نُشِرَ ثُمَّ أُعِيدَ إِلَى طَيِّهِ: رَدَدْتُهُ عَلَى غِرَّةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُخَاطَبُ فِي قَوْلِهِ: لَا يَغُرَّنَّكَ مَنْ هُوَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأُمَّةُ. قَالَ قَتَادَةُ: وَاللَّهِ مَا غَرُّوا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ لَهُ إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: السَّبَبُ لِعَدَمِ إِغْرَارِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ هُوَ تَوَاتُرُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا [الْإِسْرَاءِ: 74] فَسَقَطَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ [هُودٍ: 42] وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 14] وفَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ [الْقَلَمِ: 8] وَالثَّانِي:
وَهُوَ أَنَّ هَذَا خِطَابٌ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا يَغُرَّنَّكَ أَيُّهَا السَّامِعُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ، فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ كَانُوا يَتْجُرُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ فِيمَا نَرَى مِنَ الْخَيْرِ وَقَدْ هَلَكْنَا مِنَ الْجُوعِ وَالْجُهْدِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست